العنصر الإيراني على أبواب الزبداني والتهجير القسري يلوح بتغير ديموغرافي

2015-08-28


الزبداني مدينة واقعة على الحدود اللبنانية , يصل عدد سكانها إلى 35 ألف نسمة و التي كانت من أوائل المدن التي تحررت من سيطرة النظام عام 2012 , لم يتبقّى من سكانها إلّا القليل فقط !! أما بقية السكان فمشردين في البلدات المجاورة ( بلودان , سرغايا , مضايا , بقين , الروضة , الديماس ) و في منطقتي المعمورة و الإنشاءات التابعتين إدارياً لمدينة الزبداني و كذلك في العاصمة دمشق و لبنان و بقية دول المهجر .


كل ذلك كان نتيجةً لما تعانيه المدينة من قصف يومي مستمر بالمدفعية و البراميل المتفجرة من قبل جيش النظام منذ حوالي ثلاث سنوات و كذلك من الحصار الخانق المفروض عليها منذ ذلك الحين .
في بداية شهر تموز / يوليو الفائت بتاريخ 2/7/2015 بالتحديد تعرضت المدينة لحملة شرسة بقيادة مليشيا حزب الله اللبناني مدعوما بجيش النظام و ميليشيات فلسطينية تابعة لمنظمة التحرير  بالإضافة إلى ميليشيات تابعة لحزب البعث اللبناني و الحزب القومي السوري , مما أسفر عن سقوط 129 مقاتلاً من الجيش الحر , 21 مدنياً و ما يزيد على 200 جريح بينهم 5% - 6% من المدنيين , فيما تمكّن الجيش الحر من قتل العشرات من قوات حزب الله و النظام حيث وصل عدد قتلى حزب الله الموثقين إلى 94 قتيلاً و ضابطين إيرانيين.


عقب مرور 44 يوماً على بداية الحملة العسكرية وجّه جيش النظام مدعوماً بفرق الشبيحة بتاريخ 15/8/2015 إنذاراً للمدنيين النازحين من مدينة الزبداني في بلدة بلودان عن طريق المآذن بالاستعداد للإخلاء

حيث دخلت قوات جيش النظام إلى الأبنية الواقعة بجانب قوس بلودان حسب الشاهد (محمد حسن - اسم مستعار لأسباب أمنية) و صادروا البطاقات الشخصية للسكان و أمروهم بالإخلاء و التوجه إلى قوس بلودان خلال نصف ساعة لاستلام البطاقات و المغادرة .
بعد توجّه الأهالي إلى قوس بلودان تم طرد بعض العائلات .

و بعد ذلك تمّ إنذار و إخلاء منطقة وادي الياس ( أو المسمى وادي غزال ) في بلودان و في اليوم التالي تم إخلاء منطقة المعاصر حيث أكد لنا شاهد عيان ( نجوى محمد - اسم مستعار لأسباب أمنية ) أنّ الجيش اقتحم المنازل صباح يوم 17/8/2015 و وجّه أوامر بالإخلاء خلال عشرة دقائق فقط فنزل الأهالي إلى الشارع ليقوم الجيش بعدها بنقلهم بواسطة سيارات تابعة له و من ثم إنزالهم على طريق بقين - مضايا العام و الذي لا يجاوره أي مبنى سكني , فتوجه بعض السكان إلى بلدة بقين و آخرين إلى بلدة مضايا .


كان الشاهد ( نجوى محمد ) من الذين توجهوا مع عائلته إلى بلدة بقين ليبقوا حتى المساء بدون أي مأوى لولا أن قام أحد السكان من معارفهم بإيوائهم بغرفة لا يوجد فيها أغطية و لا طعام و لم يتمكنوا يومها من الحصول إلا على بعض حبات البندورة ليقتاتوا بها و ذلك لشح الأطعمة في بقين فأغلب المحال التجارية مغلقة بسبب الحصار .

 
و أكدت ( نجوى ) على أنّ كافة الأفراد الذين دخلوا بلدة بقين تمّ تدوين أسمائهم من قبل حاجز تابع لقوات الجيش على مدخل البلدة و تمّ إنذارهم بأنهم ممنوعون من الانتقال خارجها .


واستمر النظام بتهجير  أهالي الزبداني يومياُ باتجاه بلدتي مضايا و بقين حيث :
- بتاريخ 20/8/2015 تم تهجير 15 عائلة من نازحي مدينة الزبداني من بلدة بلودان .

- بتاريخ 22/8/2015 وثّقت حالات تهجير بأعداد كبيرة من أهالي الزبداني و ذلك في منطقة المعمورة و منطقة الإنشاءات حيث طرد النظام ما يزيد على 200 شخص من منطقة المعمورة و 25 عائلة من منطقة الإنشاءات و بضع عائلات من أهالي الزبداني من كروم مضايا .
و حسب شاهد عيان ( نتحفظ على اسمه للضرورة الأمنية )  قامت قوات النظام باعتقال عدة شبان من أهالي مدينة الزبداني النازحين أثناء تهجيرهم و ذلك لغاية السخرة ( بناء متاريس و دشم لقوات جيش النظام ) و استشهد أحدهم .

- بتاريخ 23/8/2015 استمرت حملات المداهمة على بيوت النازحين من أهالي الزبداني في المعمورة و الإنشاءات و بلودان من قبل جيش النظام برفقة شبيحة من أهالي الزبداني و حسب شاهد عيان ( لم يذكر اسمه للضرورة الأمنية ) قام جيش النظام بإجبار الأهالي على توقيع أوراق يقرون فيها على أنهم كانوا داخل مدينة الزبداني و أنهم من المطلوبين للأجهزة الأمنية.

- بتاريخ 24/8/2015 و 25/8/2015 توافد المزيد من أهالي الزبداني النازحين الذين تم تهجيرهم من بلدة بلودان و منطقتي المعمورة و الإنشاءات إلى بلدة مضايا كما تمّ تهجير عدة عائلات من بلدتي الديماس و الروضة باتجاه بلدة مضايا و بقين .

نؤكد هنا أن التهجير قسري , تعسفي و باستخدام العنف الذي يترافق مع التهديد و لم يقدّم إلى أهالي الزبداني أي عذر لتهجيرهم من قبل جيش النظام و نشير إلى أنّه خروج بلا عودة فلا يسمح لأهالي الزبداني بالعودة إلى المناطق التي تم تهجيرهم منها , حيث أكد لنا الشاهد ( علي محمود - و هو اسم مستعار للضرورة الأمنية ) أنّ الجيش السوري قام البارحة 26/8/2015 بدخول منزل يأوي عائلة نازحة من الزبداني مكونة من أم و طفلتها طالباً تحت تهديد السلاح من الأم الخروج من المنزل على وجه السرعة و قام بعدها أحد العسكريين بركل الطفلة لتسقط على بعد 4 أمتار .
و كما أكّد لنا علي أنّ جيش النظام وأثناء تهجيره للعائلات يقوم بركل الأطفال وشتم النساء أمام أزواجهم ودفع العجزة ولا يسمحون لهم بحمل أي من متاعهم و قاموا بنقلهم في شاحنات و رميهم أمام مدخل مضايا عند حاجز القوس حيث يتم اعتقال البعض قبل أن يدخلوا البلدة .

كذلك وردتنا معلومات تفيد بمنع أهالي الزبداني الذين استطاعوا الوصول إلى دمشق استئجار بيوت في العاصمة تحت أي ظرف و عدم سماح السلطات لهم بتسجيل أطفالهم في المدارس .

و تجدر الإشارة هنا إلى أنّ بلدتي مضايا و بقين اللتين يتم تهجير عائلات الزبداني إليهما باتتا مكتظتين بالسكان , فلا يكاد منزل في مضايا يخلو من عائلتين أو أكثر إضافة لأهله الأصليين وسط ظروف معيشية تصعب على الوصف نتيجة الحصار الخانق الذي يفرضه النظام فلا غذاء كافي , لا دواء , لا كوادر طبية و التنقل ممنوع بين البلدات كما و تتعرض مضايا لقصف شبه يومي بالبراميل المتفجرة و قذائف المدفعية من الحواجز المحيطة و تعاني من القنص المستمر حيث سقط منذ بداية الحملة العسكرية على الزبداني 23 مدنياً في مضايا وآخر في بقين و العشرات من الجرحى , كانت آخر المجازر في بلدة مضايا يوم 26/8/2015 حيث قصف النظام البلدة بالبراميل المتفجرة مما أسفر عن ارتقاء عائلة بكاملها مكونة من أب و أم و ثلاثة أطفال , كما ارتقى رضيعين ببطئ على أيادي أمهاتهما أحدهما من مضايا كان بحاجة إلى حاضنة و الآخر من الغوطة كان مصاباً بالحمى و لم تسمح قوات الجيش بإسعافهما إلى دمشق .

و نشير هنا إلى أن هذا انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف الرابعة بمادتها 49 و التي تحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين بموجبها أو نفيهم ما لم يكن ذلك لضمان أمنهم أو لضرورات عسكرية قهرية و كل ذلك شريطة نقلهم إلى أماكن إقامة مناسبة تتمتع بظروف مرضية من وجهة السلامة والشروط الصحية والأمن والتغذية، مع عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة و من ثمّ إعادتهم إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في هذا القطاع و هذا ما يشكل منها جريمة حرب و أيضاً تعتبر جريمة ضد الإنسانية تحت مسمى " إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان " باعتبار التهجير يقوم على أساس طائفي أيضاً و ذلك حسب المادة ٧ من نظام المحكمة الجنائية الدولية وتعني نقل الأشخاص قسراً من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة غير مشروعة, بالطرد أو بأي فعل قسري آخر , دون مبررات يسمح بها القانون الدولي .

المكتب الحقوقي

    تصـويت الموقع

    ماهو الدور الذي مازال يطلبه الشعب السوري اليوم من المجتمع الدولي
  • الاعتراف الحقيقي بالثورة السورية
  • المساعدة المدنية و اللوجستية
  • التدخل العسكري
  • رفع الغطاء عن نظام الأسد

    اشترك بالنشرة البريدية