القضية الكردية في الثورة السورية المباركة و آراء الثوار
2013-03-11
نحاول اليوم نقاش قضية أخوتنا الأكراد في خضم الثورة السورية المباركة والكل يعلم أن الأكراد هم جزء لا يتجزأ من أمتنا الإسلامية والتي هي أشمل من مقولة أمتنا العربية أو دولتنا السورية ولهم في تاريخ هذه الأمة وحاضرها مساهمات عظيمة لا مجال لعدها وليس البطل صلاح الدين الأيوبي إلا مثالاً واحداً لكثير من المشاركات المشرفة لإخوتنا الأكراد في تاريخ أمتنا الإسلامية .. وهذا البطل كان أول من رفض إقامة دولة كردية ورفض التحدث عن الأكراد كمكون متميز عن باقي مكونات الأمة وأما مقولة أن اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت أمتنا إلى دول ودويلات لم تعط الأكراد دولة مما دعى البعض منهم إلى تبني فكرة النضال من أجل إقامة هذه الدولة فتلك مقولة تتضمن مفارقة غريبة فكيف نعتبر تلك الإتفاقية طامة كبرى قسمت أمتنا وفرقتها وأضعفتها وبذات الوقت نعتبر أنها لم تكن كافية وكان يجب أن تقسمنا أكثر و أكثر فتجعل لكل مكون متميز دولته الخاصة وكأننا نشجع تلك الإتفاقية ونطالب بترسيخها .
إن ماقدمنا له كان لتبيان موقفنا من قضية الدولة الكردية ورفضنا لتقسيم المقسم مع إصرارنا على أن الكرد مكون أصيل من أمتنا وله حقوقه وعليه ما علينا من واجبات بلا تفريق ولا تمييز وهو ما تسعى له ثورتنا من إقامة دولة المواطنة والقانون والعدل والمساواة .
وهنا ولنقاش موقف أخوتنا الأكراد في خضم هذه الثورة وانقسامهم ككل مكونات مجتمعنا في المواقف فيما بينهم فلهذا الإنقسام منطلقان متمايزان أحدهما ينطلق من انتمائهم الوطني كسوريين والآخر من انتمائهم القومي كأكراد .
فأما من منطلق كونهم سوريين فقد انقسموا ككل مكونات مجتمعنا إلى داعمين للثورة منخرطين فيها لم يتخلفوا يوماً عن التظاهر لنصرتها وآخرون صامتون لم يعبروا عن مواقفهم وجزء بسيط فاسد ارتبط مع النظام بمصالح فاسدة .
وأما من منطلق كونهم أكراد فقد انقسموا إلى جزء رفض التمييز عن باقي مكونات المجتمع وطالب بدولة مواطنة يتساوى فيها مع كل المواطنين في الحقوق والواجبات وهؤلاء هم في صفنا وعلى نفس موقفنا ولا داع لنقاشهم .. وجزء آخر كان في طرف النقيض ودعوته قامت على الإصرار على التمايز عن المجتمع كمكون له ماليس لغيره ويدعو تارة إلى انفصال جزئي كإقليم , ويشذ البعض إلى المطالبة بالانفصال التام و إن بطنو هذا المطلب بتعبيرات مواربة
, وقد ثبت أن هذا الجزء لم يكن فعالاً في الثورة وخاصة في شباب الثورة بل انحصر في الأحزاب ذات الأديولوجيات المتحجرة ورأوا في الثورة فرصة سانحة لتحقيق مآربهم وهؤلاء يكاد النقاش معهم بلا فائدة , وأما الجزء الثالث والذي يجب نقاشه فهو ذلك الجزء الذي وقف مع الثورة صامتاً كان أو متكلماً ورأى فيها ثورة عدل وحرية ولكنه ناقض نفسه فدعى إلى ثورة مواطنة ومساواة وراح يدعو في ذات الوقت إلى ما يناقض المواطنة والمساواة ويطالب بتمييزه عن باقي مكونات المجتمع في بعض الحقوق ويبطن ذلك بالدعوة إلى استفتاء للسوريين الأكراد يقررون فيه مصيرهم بالانسلاخ عن سوريا او البقاء متناسين أنهم بذلك يهددون كيان الوطن و بنيانه و يفتحون باباً يصعب إغلاقه ما إن فتح .. وأنهم في وطن نسعى إليه يقوم على المساواة .. يعطون مجالاً لكل مكون في هذا المجتمع أن يطالب كما طالبوا باستفتاء يقرر فيه هذا المكون مصيره فنقسم الدولة إلى دويلات وهنا نسأل هؤلاء : ترى أتقبلون أن يطالب العلويون أو الدروز أو العشائر أو غيرهم بما طالبتم ويتميز كل منهم عن الآخر من خلال استفتاء وهل سنكون بذلك قد وصلنا إلى دولة مواطنة يتساوى فيها كل المواطنين بالحقوق والواجبات .. ونسألهم ثانية إذا وصلتم إلى ما تصبون إليه من إقليم كردي في الشمال الشرقي من سوريا فهل سيقبل ابن دمشق أو حلب الكردي أن يترك بيته وعمله ويسكن ذلك الإقليم أم ستطالبون أيضاً بسفارات للإقليم في دمشق وحلب , أم ستفرضون رأيكم على الأكراد أنفسهم .
وفي النهاية نقول لهؤلاء الأخوة قفوا معنا كما وقفتم منذ البدء لإتمام ثورتنا والوصول إلى دولة المواطنة التي نصبوا إليها .. وانعموا معنا بعدل يضمنا ويضمكم ولا تشتتوا جهود ثورتنا , وسنكون جميعاً أول المدافعين عنكم إن تجرأ أحد أن ينتقص من حقوقكم .
رنا المالكي عضو المكتب السياسي في اتحاد تنسيقيات الثورة
10-3-2013
رنا المالكي